اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعون: ذكرى توحيد وطن وانطلاقة حضارية
يُعدّ اليوم الوطني السعودي، الذي يوافق الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، محطةً وطنيةً جليلةً في مسيرة المملكة العربية السعودية، يحتفي خلالها الشعب السعودي بذكرى توحيد أراضي الجزيرة العربية تحت راية واحدة على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – في عام 1351هـ الموافق 1932م
لقد شكّل إعلان توحيد المملكة
لحظةً فارقةً في تاريخ شبه الجزيرة العربية، إذ حوّل الملك عبد العزيز مناطقَ
متناثرةً ومتباعدةً إلى دولةٍ موحدةٍ ذات سيادةٍ مستقلة، قائمةٍ على أسسٍ شرعيةٍ
وسياسيةٍ راسخة، وقد استندت هذه الوحدة إلى رؤيةٍ استراتيجيةٍ عميقة، جمعت بين
الحكمة السياسية والقدرة العسكرية والإرادة الشعبية، مما مكّن من بناء كيانٍ
وطنيٍّ قويٍّ قادرٍ على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وبمرور خمسة وتسعين عامًا،
تطورت المملكة من دولةٍ ناشئةٍ تعتمد على الاقتصاد المحلي البسيط، إلى قوةٍ
اقتصاديةٍ وسياسيةٍ وإقليميةٍ مؤثرة، تمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم،
وتلعب دورًا محوريًا في استقرار أسواق الطاقة العالمي.
وفي العقد الأخير، شهدت
المملكة تحولاتٍ جذريةً غير مسبوقة ضمن إطار رؤية السعودية 2030، التي أطلقها ولي
العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه الرؤية، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز
الاستثمار، وتمكين المرأة، وتطوير البنية التحتية، وترسيِخ الهوية الوطنية، تمثل
انطلاقةً حضاريةً جديدةً تواكب متطلبات العصر وتستشرف آفاق المستقبل، ومن أبرز
إنجازاتها: إطلاق المشاريع العملاقة مثل "نيوم" و"القدية"
و"الدرعية"، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتنظيم الفعاليات
الثقافية والرياضية العالمية، وتعزيز الشراكات الدولية في مختلف المجالات.
إن الاحتفال باليوم الوطني
لا يقتصر على الاحتفالات الرمزية أو العروض الجوية والفعاليات الشعبية، بل هو
تجسيدٌ لروح الانتماء الوطني، وتجديدٌ للعهد بين القيادة والشعب، وتأكيدٌ على
الثقة المتبادلة في مواصلة المسيرة التنموية، كما أنه فرصةٌ للتذكير بأهمية اللحمة
الوطنية، وضرورة الحفاظ على المنجزات، ومواجهة التحديات بوعيٍ ومسؤولية.
فالذكرى الخامسة والتسعين لليوم الوطني السعودي
ليست مجرد عيدٍ وطنيٍّ، بل هي محطةٌ لتقييم الماضي، وبناء الحاضر، واستشراف
المستقبل، إنها تذكيرٌ بأن الوحدة كانت ولا تزال الضامن الأكبر للاستقرار والتطور،
وأن الاستمرار في مسيرة البناء يتطلب من الجميع – قيادةً وشعبًا – التكاتف والعمل
بجدٍّ وإخلاصٍ من أجل رفعة الوطن وازدهاره، فتحيةٌ لوطنٍ عظيم، وتحيةٌ لرجاله
الأوفياء، ونسائه المخلصات، وأطفاله الذين يحملون مشاعل المستقبل بإذن الله.